مخيم جنين

لقد مثّـلت مجزرة مخيم جنين في الأراضي الفلسطينية التي اقترفتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، جريمة نكراء قلما شهد التاريخ المعاصر مثيلاً لها، وشكلت تحدّياً سافراً للمجتمع الدولي وللرأي العام العالمي، وللضمير الإنساني بصورة عامة، بما أقدمت عليه السلطات الإسرائيلية في هذه المجزرة من قتل للأبرياء وتدمير للمنازل والمنشآت والمرافق، وتجريف للأرض، وفرضٍ لحظر التجول، ومضايقة لرجال الإسعاف ومندوبي المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر واليونيسيف، وتدنيس للمقدسات الإسلامية والمسيحية في جنين وبيت لحم والقدس الشريف وفي غيرها من المدن والبلدات والقرى والمناطق الفلسطينية. وقد أكدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من خلال جرائمها ضد الإنسانية التي ارتكبتها في مخيم جنين، عبثها بالشرعية الدولية واستخفافها بمشاعر المسلمين والمسيحيين وكل محبّي السلام في العالم، وممارستها لمختلف أنواع القتل والبطش والتنكيل والقمع والاضطهاد في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، المدافع عن حقوقه الوطنية المعترف له بها دولياً. ونظراً إلى ما وصلت إليه هذه الجريمة النكراء من البشاعة والفظاعة والقسوة، وحرصاً على تقديم آثار هذه الجريمة ومخلفاتها المادية والبشرية والمعنوية إلى الرأي العام العالمي، أعدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ، بالتعاون مع المنظمة العربية للمحامين الشباب، هذه الدراسة التوثيقية التي تتضمن شهادات حية لبعض ضحايا هذه الجريمة، ويوميات مفصلة لمراحلها وتطوراتها، وتقارير وافية لفضح التجاوزات الإسرائيلية لمبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية. كما تم توثيق هذه الجرائم بالصور الفوتوغرافية، وإن كان بعضها مؤثراً جداً، اضطررنا إلى نشرها على بشاعتها المؤذية للمشاعر، وذلك لتقديم الأدلة المادية القاطعة التي لا يصل إليها الشك، والبيِّنة التي لا تقبل النكران أو التضليل. ولقد عززت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والمنظمة العربية للمحامين الشباب، جهودهما في هذا السياق، حيث عقدتا في مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية، خلال الفترة من 27 فبراير إلى 1 مارس 2003م، وبالاشتراك مع الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، مؤتمراً دولياً حول توثيق الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، شارك فيها ممثلو منظمات ومؤسسات وجمعيات دولية وإقليمية وشخصيات فلسطينية، وخبراء حقوقيون ونخبة من رجال الفكر والقانون والثقافة والإعلام. وتعكف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة حالياً على تنفيذ إحدى التوصيات الصادرة عن المؤتمر والقاضية بإنشاء مرصد دولي للجرائم الإسرائيلية في فلسطين الذي سيكون مقره في المملكة المغربية. وإذ تقدم المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، بالتعاون مع المنظمة العربية للمحامين الشباب، للقارئ الكريم هذه الدراسة التوثيقية المفصلة التي تعدّ شهادة حية على الجرائم الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين، فإنها تأمل من خلال هذا العمل، المساهمة في فضح هذه الجرائم فضحاً موثقاً، وتوعية الرأي العام الدولي بمخاطر الممارسات الإسرائيلية وجرائمها وما تمثّـله من انتهاكات صارخة وصريحة لحقوق الإنسان وتجاوز للشرعية الدولية وتحدٍّ لقرارات الأمم المتحدة، وما تشكله هذه الممارسات العدوانية الإجرامية من عراقيل في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل في هذه المنطقة، وفي العالم أجمع. والله الموفّق. الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة

_uacct = "UA-720450-1";
urchinTracker();